لن يحل مشاكل مصر تلك الحلول التقليدية..هتفت بهذه العبارة وأنا أشارك فى الحصاد.. حصاد تجربة عالم مصرى اسمه الدكتور سعيد سليمان، تجربة عمرها ثلاثون عاماً.
وحين آن الأوان لكي تخرج الي النور كنا هناك.. نتابع ونحصد ونبارك.. وندعو الله أن تزول كل العراقيل التي يضعها نفر منا في طريق نفر آخر حسدا أو حقدا أو غلا.نسيت أن أقول إن التجربة اسمها أرز الجفاف لكنني حتما لن أنسي القول بأنها ستوفر أكثر من نصف المياه التي يستهلكها الأرز العادي, وستوفر نصف المصاريف التي يدفعها المزارع لزراعة الارز العادي.
صاحب التجربة أطلق علي مولوديه الجديدين عرابي واحد.. وعرابي اثنين.. ونحن بعد ان حضرنا التجربة ووضعنا أيدينا علي ما ستفعله من نهضة زراعية, سمحنا لأنفسنا أن نطلق عليها ثورة عرابي.. فهل تسمحوا لنا بذلك؟
في البداية تحدثنا مع صاحب التجربة الدكتور سعيد سليمان استاذ ورئيس قسم الوراثة بزراعة الزقازيق ورئيس مشروع التربية لتحمل الجفاف في الارز, حيث أكد أن هذه التجربة التي اثبتت نجاح استنباط سلالات جديدة من الارز تتحمل الجفاف وتحتاج فقط إلي4000 متر مكعب من المياه, وتعطي انتاجية تتفوق علي الاصناف الحالية والتي تستهلك7000 متر مكعب علي اقل تقدير, وذلك في الاراضي الطينية القديمة, وهذه السلالات نتجت من تهجين الاصناف المقاومة للجفاف العالمية والمحلية, واستغرق انتاجها30 عاما كاملة وتمتاز هذه السلاسلات بجودة غذائية عالية, وجودة طهي متميزة وتصافي تبييض مرتفعة.
وأضاف أننا نجحنا في تنفيذ تجربة تجمع بين السلالات المقاومة للجفاف, وطريقة الزراعة المبتكرة وهي طريقة الشرائح التي تقسم بها الأرض, والتي تؤدي الي التوفير في كمية المياه ايضا, فكانت النتيجة هي انخفاض استهلاك المياه بنسبة النصف تقريبا, وكذلك زيادة إنتاجية الارز, حيث وصلت في السلالات الجديدة الي4 أطنان للفدان في حين ان انتاج الصنف المحلي سخا104 لا يتجاوز2.9 طن للفدان تحت ظروف الجفاف بالاراضي الطينية, مشيرا الي أننا نجحنا قبل هذه التجربة في زراعة هذه السلالات تحت ظروف الري بالرش في اراضي الاستصلاح الرملية في أبو صوير وانشاص بمحطة بحوث الموارد المائية, واوضح د. سعيد أنه تم تحديد كمية المياه المستخدمة في الري من خلال عداد مياه بصوبة الكلية وتأكدنا أن الاستهلاك لن يزيد علي3000 متر مكعب كحد أقصي للفدان,
كما تم اجراء تجارب داخل الكلية في الصوب والمزارع خلال6 سنوات كاملة وتأكدنا من قدرة هذه الاصناف علي مقاومة الجفاف ثم بعد ذلك قمنا بتجربة هذه السلالات في الحقول علي مستوي قطع صغيرة, ثم علي مستوي قطع كبيرة عامي2008 و2009 إلي أن وصلنا الي هذه التجربة حيث قمنا بزراعة فدانين في قرية أكوه بالشرقية, و4 فدادين في قرية وليلة بميت غمر بالمنصورة, فكانت النتيجة ناجحة جدا كما نري, حيث تصل إنتاجية الفدان من السلالة عرابي1 الي محصول يتراو ح بين4.5 و5 أطنان ومن عرابي2 محصول يتراوح بين4 و4.5 طن للفدان, مشيرا الي ان عرابي2 له ميزة أن حصاده يتم قبل عرابي1 بعشرة أيام, كما أنه يصلح للاستخدام في الكبسة وفي الفنادق, بينما عرابي1 طعمه بلدي ويصلح للمصريين.
وأضاف أننا سنقوم بتسجيل هذه الأصناف هذا العام بعد ان حصلنا علي براءة اختراع من مكتب حماية الأصناف النباتية بوزارة الزراعة, وإن كانت المشكلة ان التسجيل يستغرق ثلاث سنوات كاملة, ولذلك فإننا نطالب بأن نعامل مثل مركز البحوث الزراعية بأن يسير التسجيل في طريقه, وفي الوقت نفسه يتم الاكثار من التقاوي في السنة نفسها, وكذلك فإننا نطالب بجهة محايدة لتسجيل الارز فلا يجوز أن يكون مركز بحوث الارز هو الخصم والحكم في الوقت نفسه, حيث ان مركز بحوث الارز, دائما يحارب العلماء في الجامعات بحجة أنهم الأكثر دراية بسلالات وأصناف الارز, برغم أن ذلك غير صحيح.
من جانبه أكد الدكتور يسري عطا الأستاذ بمعهد بحوث إدارة المياه أن طريقة زراعة الارز علي شرائح التي اكتشفها يتم تجربتها لأول مرة في العالم, وقد حصلت علي الجائزة الاولي من الهيئة الدولية للري والصرف عام2008 في لاهور بباكستان وتتميز بأنها توفر40% من المياه عند الزراعة العادية, وهذه الطريقة تصلح لكل الاصناف, وتم تجربتها في عدة محافظات لمدة5 سنوات, حيث وفرنا2500 متر مكعب مياه لكل فدان, فقد أصبح احتياج فدان الارز بهذه الطريقة4000 متر مكعب فقط, ولو تم تعميم هذه الطريقة يمكن توفير نحو3 مليارات متر مكعب في السنة في موسم الارز فقط, إضافة إلي أنها توفر في استهلاك الاسمدة وتزيد الانتاجية, كما توفر ساعات ادارة وتشغيل ماكينات بنسبة30% الي40%.
وأضاف أننا قمنا بقياس المقننات المائية للأرز بهذه الطريقة علي مدي أكثر من5 سنوات, وهذه الطريقة مسجلة في سنة2005 بأكاديمية البحث العلمي, واضاف انه عندما ابتكر الدكتور سعيد أصنافا جديدة من الارز تتحمل الجفاف تم زراعتها بطريقة الشرائح, أي أنه تم عمل مزج بين الاصناف الموفرة للمياه وطريقة الري بالشرائح الموفرة للمياه, مما نتج عنه أن الاحتياج المائي للأرز اصبح مثل الذرة تماما أي لا يستهلك إلا كميات مياه قليلة.
أما الدكتورة مي محمد لبيب الباحثة بمركز بحوث الهندسة الوراثية بالقاهرة والتي شاهدت التجربة علي الطبيعة فقد أكدت أن السلالة الجديدة للأرز تشترك مع الارز العادي في جودة الحبة وامتلائها وان كانت تتميز عنها في أن إنتاجيتهاعالية جدا, كما أن هذه السلالة صحية جدا لأنه لم يتم التلاعب في الجينات الوراثية الخاصة بالبذور, وكذلك فـإن نسبة البروتين بها مرتفعة وطعمها أفضل, كما أن نسبة النشا فيها قليلة جدا, وهي ميزة بالنسبة للرجيم لمن يعانون من مرض السمنة, إضافة الي ان ارز الجفاف لا يحتاج إلا الي70 كيلو تقاوي, بينما الارز العادي يحتاج الي100 كيلو, ويكفي إن هذه السلالة تم انتاجها خلال تجارب استمرت نحو30 عاما كاملة, مع العلم أنه يمكن خلال شهر واحد استنباط نوع جديد, ولكن الفارق ان الدكتور سعيد قام بعمل تهجينات من أصناف مختلفة من النباتات يتم حصادها كل عام, وقد ثبت أن هذا النوع لم يحدث أي تغيير في جيناته الوراثية.
واضافت ان الدكتور سعيد يستحق كل الشكر والتقدير لأنه لم يختر الحل الأسهل بإنتاج نبات مهندس وراثيا, ولكنه اختار ان ينتج سلالة طبيعية تم زراعتها وتجربتها علي الطبيعة, وكانت النتيجة أكثر من ممتازة بما يعني أنه يستطيع ان يسوق هذه السلالة في الدول العربية بمبالغ مرتفعة جدا.
وحول رأي المزارعين الذين قاموا بزراعة هذه السلالة أكد سيد طلبة عليوة مزارع من مركز ميت غمر دقهلية انه قام بزراعة4 فدادين ونصف من أرز الجفاف بعد الاتفاق علي ذلك مع الدكتور سعيد سليمان مكتشف السلالة الجديدة, حيث أحضرنا التقاوي, وجهزنا المشتل بإشراف مهندس متخصص في المبيدات والتقاوي ثم قمنا بتجهيز الارض وتقسيمها إلي شرائح, ثم حددنا المساحات بين الشتلة والشتلة بمسافة20 سم بعد ان اعطينا الارض جرعة التسميد التنشيطية بمعدل شيكارتين للفدان, ثم قمنا بري الارض لأول مرة بطريقة الغمر لتثبيت حبوب الارز, وبعد15 يوما من الرية الأولي قمنا بري الارض مرة أخري بطريقة الري بالغمر التي لا تستهلك اكثر من ساعتين من الوقت في حين أن الارز العادي يستهلك8 ساعات للفدان.
ثم قمنا برش المبيدات الخاصة بالحشائش, وبعد ذلك نظمنا الري كل15 يوما وبعد شهر من الزراعة اعطينا الارض الجرعة الثانية من الكيماوي بمعدل شيكارة للفدان, حتي تم الحصاد بعد130 يوما فقط من الزراعة بالنسبة للسلالة عرابي1, و120 يوما بالنسبة للسلالة عرابي2, وقد التزمنا أثناء الزراعة بتعليمات الدكتور سعيد وأضاف في الغيط نفسه قمنا بزراعة أرز من النوع177 الموجود بالاسواق, وقمنا بمعاملته بنفس معاملة ارز عرابي1 وعرابي2 ولكنه لم ينجح لدرجة ان انتاج الفدان لم يتجاوز طنا واحدا.
من جانبه أكد محمد عطية مزارع من قرية أكوه بمركز ديرب نجم محافظة الشرقية أننا كنا نروي أرز الجفاف كل10 أيام برية خفيفة جدا, وبعد ان وصل عمر المحصول إلي45 يوما كنا نقوم بريه بطريقة الغمر, حيث كانت تسير المياه في مجري الخطوط او السرايب التي قمنا بتخطيطها قبل الزراعة, وهو ما كان يوفر كميات كبيرة من المياه لدرجة أن استهلاك الارز من المياه أصبح يعادل استهلاك الذرة تماما, وأشار الي ان المحصول وصل الي4.5 طن بالنسبة للسلالة عرابي1, و4 أطنان بالنسبة لعرابي2,
في حين ان الارز العادي لا يزيد محصول الفدان علي3.5 طن في افضل الظروف, إضافة الي أنه يحتاج الي ري متصل ويحتاج الي4 شكائر اسمدة دفعة أولي للفدان, وشيكارتين دفعة ثانية, كما أنه يحتاج مصروفات عالية جدا لمقاومة الحشائش في حين أن الارز الجاف يوفر50% من المصاريف ولا يستهلك أكثر من3 شكائر اسمدة للفدان, بالاضافة الي توفير مصاريف ماكينات المياه من جاز وزيت وعمالة, كما أن تقسيم الارض بالنسبة للأرز الجاف الذي يوفر التلويط( تصليح الارض) وكذلك يوفر جهود تكلفة تفريد الشتلات.
وأضاف أننا بدأنا الزراعة ببذرة جافة في أرض جافة علي شرائح عرض الخط75 سم, ثم روينا الارض بالمياه وبعد أربعة ايام رششنا مبيدات ساترون ثم مبيدات روميني مقاوم للحشائش, ثم بدأنا الري الي ان وصلنا للحصاد بعد ثلاثة أشهر و20 يوما فقط, حيث زرعنا الارض في5/25 ومنعنا عنها المياه في9/15 وحاليا سنقوم بدرس المحصول وبيعه بسعر السوق للدكتور سعيد, حيث تعاقد معنا علي ذلك عند الزراعة.
وعن رأي مسئولي برنامج ومركز بحوث الارز المتهمين بمحاربة السلالات الجديدة, قال الدكتور حمدي الموافي رئيس برنامج الارز القومي إننا نرحب بهذه التجربة بشرط ان يتم اتخاذ الاجراءات الرسمية لتسجيلها بإدارة الفحص والاعتماد وتسجيل التقاوي بوزارة الزراعة, فإذا ثبت أن هذه الاصناف تتحمل الجفاف وأنها ثابتة ومستقرة من الناحية الوراثية, فإن ذلك سيكون نصرا كبيرا للزراعة المصرية, وسيكون له فوائد جمة تتمثل في تقليل نسبة استهلاك المياه وزيادة محصول الارز مشيرا الي رغبته في توحيد جهود بحوث الارز الجاف لسرعة الوصول الي نتيجة مفيدة,
حيث من المفترض ان يتم زراعة الصنف, وزراعة الأصناف المقاومة لتحديد الافضل ومعرفة مدي تفوقه علي هذه الاصناف, وايضا لابد ان تتم التجربة في اراض تابعة لكلية الزراعة, وان تتم الاختبارات البحثية في مزارع بالكلية ثم بعد ذلك يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة, أما الدكتور عبد السلام دراز رئيس بحوث الأرز بمركز البحوث الزراعية فقد نفي أنه ضد التجربة الجديدة, وأكد أنه يشجع أي تجربة أو فكرة توفر المياه وهو ما قام به الدكتور سعيد سليمان بنجاحه في استنباط سلالتين جديدتين من الأرز, وهما عرابي1, وعرابي2,
والرأي الأخير في هذه السلالات سيكون من خلال لجنة تسجيل الاصناف بوزارة الزراعة, مشيرا الي ان هناك اختبارات يجب ان يتم اجراؤها عبر متخصصين في الامراض والحشرات وجودة الحبوب علي هاتين السلالتين, وذلك لأن هذه السلالات متوسطة الحبة, والمتوقع ان تكون نسبة التصافي فيها لا تتعدي65%, وبالنسبة لتوفير المياه فإن ذلك يتطلب عمل قياسات لكمية المياه التي استهلكها المحصول, والأفضل ان يتم ذلك من خلال تجربة قومية تشرف عليها لجنة محايدة تقيم جميع الاصناف المستنبطة حديثا, بالاضافة إلي السلالتين عرابي1 وعرابي2 وذلك في أكثر من موقع كما كان يحدث منذ15 عاما من خلال التجربة القومية, واضاف ان التجربة لابد من تقييمها من خلال الطرق الرسمية طبقا للنظم المتبعة.
واشار إلي ان تقليل استهلاك الارز للمياه هو هدف قومي نسعي جميعا لتحقيقه وعن تسجيل هاتين السلالتين فإنهما ستكونان نقلة نوعية جيدة, سوف تنعكس بالايجاب علي الزراعة المصرية.