إن الطبيعة التي انعم الله علينا بها هي صيدلية الله عز وجل وهي مصدر الدواء الناجع لكل داء، فما انزل الله داء إلا وجعل له الدواء، ومن الجدير بالذكر إن معظم النباتات الطبية تحتوي على أكثر من مادة فعالة، وبالتالي يكون لها عدة استطبابات في إن واحد.
وتتجلى قدرة الله عز وجل إن تجعل من تركيزات المواد الفعالة لهذه النباتات متوازنة ومخففة ويمكن للجسم البشري إن يتعامل معها برفق والمعالجة بالنباتات الطبية تكون على شكل وقاية ومعالجة.
بدأ الانتفاع من الأعشاب الطبية بالتجربة الفردية والاجتهاد في بعضها وقد برع الفراعنة في استخدام النباتات الطبية كالحناء مثلا وظل هذا العلم يرتقي إلى إن حوله علماء المسلمين من العطارة الاجتهادية إلى علم له قواعد أسس مدروسة لقد غابت المعالجة بالأعشاب الطبية فترة من الزمن بسب الأدوية المصنعة اصطناعيا ومع تزايد الأضرار الناتجة عن الأدوية وتفاقمه، ولما لها من خصائص سريرية مختلفة من استطبابات وسمية وتأثيرات جانبية دفع ذلك العلماء إلى البحث الجاد في المصادر النباتية لتحقيق السلامة الدوائية.
إن القلق من الآثار الجانبية للطب الحيوي الحديث، يشجع الناس على البحث عن أشكال علاج أكثر لطفاً، وهذا ما دفع الناس اليوم إلى العودة للعلاج بالأعشاب، ومن الواضح أن طب الأعشاب لديه الكثير مما يقدمه ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن استخدام الأعشاب عشوائياً ضار أيضاً إذ لم يكن مدروساً وعلمياً بشكل صحيح.
فالاعتقاد السائد أن الأعشاب لا تضر أبداً هذا شيء خاطئ فإن الأعشاب بمقادير غير منضبطة وبطريقة تحضير غير صحيحة قد تكون خطرة على صحة الإنسان، فـ(الشاي الصحراوي) على سبيل المثال يمكن أن يكون شديد السمية إذا كانت الجرعة خاطئة، و(السنامكي) وهي العشبة التي استخدمها الرسول وذكر فوائدها وحث الناس عليها وانتشرت في عصره؛ إن استخدمت هذه العشبة بغير شروطها وطريقتها العلمية الدقيقة فأنها ضارة على بطانة الجهاز الهضمي فهي تحتوي على مواد سامة.
ولأهمية النباتات الطبية في معالجة الأمراض يجب التركيز على حماية المصادر الطبيعية للنباتات والتي تمثل الجزء الهام من التنوع البيولوجي.
عودة الغرب لطب الأعشاب بعد الانقطاع عنه
بعد قطيعة الغرب لطب الأعشاب عادوا إليه من جديد وقاموا بفتح المراكز المتخصصة لذلك واكبر مثال على ذلك ألمانيا التي تنتشر فيها المراكز المخصصة للعلاج بالأعشاب وتوجد في ألمانيا فقط أكثر من (2000) مركز للعلاج بالأعشاب الطبية، هذا قبل عام 2001م. ناهيك عن مراكز الأبحاث التي تصدر يومياً مئات الأبحاث عن الأعشاب وفوائدها الطبية، وزاد اهتمام وشغف الفرد الأمريكي بالأعشاب إلى حد أن حجم مبيعات الأعشاب الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً تجاوز الثلاثة مليارات دولار.
وهكذا نرى بأنه بسبب التأثيرات الجانبية الكبيرة للأدوية الكيميائية الحديثة بدأ العالم يعود إلى الطبيعة واستخدام أساليب المعالجة الطبيعية المختلفة أو ما صارت تُعرف بالطب البديل (العلاج بالأعشاب الطبيعية - العلاج بالطاقة - العلاج بالحجامة - المعالجة بالألوان وغيرها..).
لذلك فإن استخدام المستحضرات النباتية الطبيعية وبالطرق العلمية الدقيقة هي بداية طريق العودة إلى الطبيعة وهي الوسيلة الأمثل والأفضل للأمراض الجسدية والنفسية معاً، خصوصاً وإن مظهرنا أمام أنفسنا وأمام الناس إنما يعتمد أساساً على صحة أجسادنا ونختم حديثنا بهذا البيت من الشعر:
لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها