الطاقة
هي المقدرة على القيام بشغل (أى إحداث تغيير) ، وهناك صور عديدة للطاقة، منها الحرارة و الضوء (طاقة كهرومغناطيسية)، و الطاقة الكهربائية.
ضمن الاستخدام الاجتماعي : تطلق كلمة "طاقة" على كل ما يندرج ضمن مصادر الطاقة ، إنتاج الطاقة ، و استهلاكها و أيضا حفظ موارد الطاقة. بما ان جميع الفعاليات الاقتصادية تتطلب مصدرا من مصادر الطاقة ، فإن توافرها و أسعارها هي ضمن الاهتمامات الأساسية و المفتاحية . في السنوات الأخيرة برز استهلاك الطاقة كأحد أهم العوامل المسببة للاحترار العالميglobal warming مما جعلها تتحول إلى قضية أساسية في جميع دول العالم .
ضمن سياق العلوم الطبيعية ، الطاقة يمكن ان تاخذ أشكالا متنوعة : طاقة حرارية ، كيميائية ، كهربائية ، إشعاعية ، نووية ، و طاقة كهرومغناطيسية ، و طاقة حركة . هذه الأنواع من الطاقة يمكن تصنيفها بكونها طاقة حركية أو طاقة كامنة ، مع أن بعض أنواع الطاقة تقاوم مثل هذا التصنيف مثلا : الضوء ، في حين أن أنواع أخرى من الطاقة كالحرارة يمكن أن تكون مزيجا من الطاقتين الكامنة و الحركية .
جميع أنواع الطاقة يمكن تحويلهاTransformation من شكل لآخر بمساعدة أدوات بسيطة أو تقنيات معقدة : من الطاقة الكيميائية إلى الكهربائية عن طريق الأداة الشائعة البطاريات أو المركمات ، ضمن سياق نظرية النسبية بدمج مجالي المادة و الطاقة معا بحيث أصبح من الممكن ان تتحول الطاقة إلى مادة و بالعكس تحول المادة إلى طاقة : هذا الكشف الجديد عبر عنه أينشتاين بمعادلته الشهيرة E=mc2 . هذا التحول ترجم عمليا عن طريق الحصول على الطاقة بعمليات الانشطار النووي أو الاندماج النووي
مصطلحات الطاقة و تحولاتها مفيدة جدا في شرح العمليات الطبيعية . فحتى الظواهر الطقسية مثل الريح ، و المطر و البرق و الأعاصيرtornado تعتبر نتيجة لتحولات الطاقة التي تأتي من الشمس على الأرض . الحياة نفسها تعتبر أحد نتائج تحولات الطاقة : فعن طريق التمثيل الضوئي يتم تحويل طاقة الشمس إلى طاقة كيميائية في النباتات ، يتم لاحقا الاستفادة من هذه الطاقة الكيميائية المختزنة في عمليات الاستقلاب ضمن الكائنات الحية غيرية التغذية .
تحول الطاقة
يمكن تحويل الطاقة من صورة إلى أخرى. فعلى سبيل المثال، يمكن تحويل الطاقة الكيميائية المختزنة في بطارية الجيب إلى ضوء. كمية الطاقة الموجودة في العالم ثابتة على الدوام، فالطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم (قانون انحفاظ الطاقة ) ، وإنما تتحول من شكل إلى آخر. وعندما يبدو أن الطاقة قد استنفذت، فإنها في حقيقة الأمر تكون قد تحولت إلى صورة أخرى، لهذا نجد أن الطاقة هي قدرة المادة للقيام بالشغل (الحركة) كنتيجة لحركتها أو موضعها بالنسبة للقوي التي تعمل عليها. فالطاقة التي يصاحبها حركة يطلق عليها طاقة حركة ، والطاقة التي لها صلة بالموضع يطلق عليها طاقة الوضع (جهدية أو مخزنة). فالبندول المتأرجح به طاقة جهدية في نقاطه النهائية، وفي كل أوضاعه النهائية له طاقة حركية وطاقة جهدية في أوضاعه المختلفة.
الطاقة توجد في عدة أشكال كالطاقة الميكانيكية ، الحرارية ، الديناميكية الحرارية، الكيميائية، الكهربائية، الإشعاعية، والذرية. وكل أشكال هذه الطاقات قابلة للتحويل الداخلي بواسطة طرق مناسبة. والطعام الذي نتاوله، به طاقة كيميائية يخزنها الجسم ويطلقها عندما نعمل أو نبذل مجهوداً.
أنواع الطاقة
تعتبر الطاقة الحيوانية أول طاقة شغل استخدمها الإنسان في فجر الحضارة عندما استخدم الحيوانات الأليفة في أعماله ثم شرع واستغل قوة الرياح في تسيير قواربه لآفاق بعيدة. واستغل هذه الطاقة مع نمو حضارته، واستخدمها كطاقة ميكانيكية في إدارة طواحين الهواء وفي إدارة عجلات ماكينات الطحن ومناشير الخشب ومضخات رفع الماء من الآبار وغيرها. وهذا ما عرف بالطاقة الميكانيكية.
قوة الحيوانات نجدها مستمدة من الطاقة الكيميائية الموجودة في الطعام بعد هضمه في الإنسان والحيوان. والطاقة الكيميائية نجدها في الخشب الذي كان يستعمل منذ القدم في الطبخ والدفء. وفي بداية الثورة الصناعية استخدمت القوة المائية كطاقة تشغيلية ( شغل ) بواسطة نظم سيور وبكر وتروس لإدارة العديد من الماكينات.
نجد الطاقة الحرارية في المحركات البخارية التي تحول الطاقة الكيميائية للوقود إلى طاقة ميكانيكية. فالآلة البخارية يطلق عليها آلة احتراق خارجي، لأن الوقود يحرق خارج المحرك لتوليد البخار الذي يدير المحرك . لكن في القرن 19 إخترعت محرك الإحتراق الداخلي ، مستخدما وقودا يحترق داخل الآلة حسب نظام غرف الإحتراق الداخلي المباشر بها، لتصبح مصدرا للطاقة الميكانيكية التي أستغلت في عدة أغراض كتسيير السفن والعربات والقطارات.
في القرن 19 ظهر مصدر آخر للطاقة، لايحتاج لإحتراق الوقود، وهو الطاقة الكهربائية المتولدة من الدينامو مولد كهربائي . أصبحت هذه المولدات تحول الطاقة الميكانيكية لطاقة كهربائية التي أمكن نقلها إلي أماكن بعيدة عبر الأسلاك ، مما جعلها تنتشر، حتى أصبحت طاقة العصر الحديث ولاسيما وأنها متعددة الأغراض ، بعدما أمكن تحويلها لضوء و حرارة وطاقة ميكانيكية، بتشغيلها محركات الآلات والأجهزة الكهربائية. تعتبر طاقة نظيفة إلى حد ما.
ثم ظهرت الطاقة النووية التي استخدمت في المفاعلات النووية ، حيث يجري الإنشطار النووي الذي يولد حرارة هائلة تولد البخار الذي يدير المولدات الكهربائية أو محركات السفن والغواصات. لكن مشكلة هذه المفاعلات النووية تكمن في نفاياتها المشعة، واحتمال حدوث تسرب إشعاعي أو إنفجار المفاعل، كما حدث في مفاعل تشيرنوبل الشهير.
الطاقة الغير متجددة نحصل عليها من باطن الأرض كسائل كما في النفط ، وكغاز كما في الغاز الطبيعي ، أو كمادة صلبة كما في الفحم الحجري . وهي غير متجددة لأنه لايمكن صنعها ثانية أو استعواضها مجددا في زمن قصير، عكس الطاقة المتجددة . مصادر الطاقة المتجددة نجدها في طاقة الكتلة الحيوية التي تستمد من مادة عضوية كإحراق النباتات وعظام الحيوانات وروث البهائم والمخلفات الزراعية. فعندما نستخدم الخشب أو أغصان الأشجار أو روث البهائم في اشتعال الدفايات أو الأفران، فهذا معناه أننا نستعمل وقود الكتلة الحيوية التي تستغل كمادة عضوية من النباتات ونفايات الزراعة أو الخشب أو مخلفات الحيوانات. وفي الولايات المتحدة تستغل طاقة الكتلة الحيوية في توليد 3% من مجمل الطاقة لديها لتوليد 10 آلاف ميجا وات من القدرة الكهربائية.
وتستغل طاقة الحرارة الأرضية لتوليد الكهرباء والتسخين. حاليا نصف الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة الأمريكية تأتي من قوة دفع المياه التي تدير التوربينات، والتي تسيّر المحركات لتوليد الكهرباء، كما يحدث في مصر في السد العالي. وفي أمريكا تمثل كهرباء الطاقة المائية 12% من جملة الكهرباء. و يمكن مضاعفتها إلي 72 ألف ميجاوات.
مصادر الطاقة الطبيعية
بترول
البترول عبارة عن سائل كثيف، قابل للاشتعال، بني غامق أو بني مخضر، يوجد في الطبقة العليا من القشرة الأرضية. وأحيانا يسمى نافثا، من اللغة الفارسية ("نافت" أو "نافاتا" والتي تعني قابليته للسريان). وهو يتكون من خليط معقد من الهيدروكربونات، وخاصة من سلسلة ألكان، ولكنه يختلف في مظهره وتركيبه ونقاوته بشدة من مكان لأخر. وهو مصدر من مصادر الطاقة الأولية الهام للغاية (حسب إحصائيات الطاقة في العالم). البترول هو المادة الخام لعديد من المنتجات الكيميائية، بما فيها الأسمدة، مبيدات الحشرات، اللدائن.
وقود
الوقود له أنواع مختلفة من أهمها الوقود الحفري وهو الذي يشمل كل من النفط والفحم والغاز، والذي أستخدم بإسراف منذ القرن الماضي ولا يزال يستخدم بنفس الإسراف مع ارتفاع أسعاره يوما بعد يوم، مع أضراره الشديدة للبيئة. ومثله وقود السجيل وهو مثل النفط يكون مخلوط مع الرمال.
من أنواع الوقود الأخرى هو الوقود الخشبي والذي يغطي استخدامه حوالي 6% من الطاقة الأولية العالمية، وهناك الوقود المستخرج من النفايات الحيوانية أو المياه الثقيلة للمجاري، حيث بالمستطاع استخدام هذه النفايات في توليد الطاقة بالاعتماد عليها بعد عمليات التخمير، وتستخدم في العديد من دول العالم معالجة المياه الثقيلة للاستفادة من الغازات المنبعثة لأغراض توفير الطاقة.
من الطرق الحديثة والنظيفة في توفير الوقود النظيف يمكن أن يكون من نباتات الأشجار سريعة النمو، أو بعض الحبوب أو الزيوت النباتية أو المخلفات الزراعية أو بقايا قصب سكر، أمكن تحويل بعض منتجات السكر إلى كحول لاستخدامه كوقود للسيارات وكذلك زيت النخيل. يتميز هذا النوع من الوقود بأنه يقلل من التلوث، حيث لا حاجة هناك لاستعمال الرصاص في مثل هذا النوع من الوقود لرفع أوكتان الوقود كما هو الحال في البنزين المستحصل عليه من النفط الأحفوري، ومن ثم فإنه بنزين خال من الرصاص.
هناك الوقود النووي وتحطه الكثير من المشاكل والقوانين الضابطة والتي قد لا تخلو من ازدواجية في المعايير وإجحاف بالسماح لاستخدامها على البعض، إضافة لخطورة استخدامها وتأثيرها السيئ على البيئة.
طاقة شمسية
الطاقة الشمسية هي الطاقة الأم فوق كوكبنا، حيث تنبعث من أشعتها كل الطاقات المذكورة سابقاً لأنها تسير كل ماكينات وآلية الأرض بتسخين الجو المحيط واليابسة وتولد الرياح وتصريفها، وتدفع دورة تدوير المياه، وتدفيء المحيطات، وتنمي النباتات وتطعم الحيوانات. ومع الزمن تكون الوقود الإحفوري في باطن الأرض. وهذه الطاقة يمكن تحويلها مباشرة أو بطرق غير مباشرة إلى حرارة وبرودة وكهرباء وقوة محركة. تعتبر أشعة الشمسأشعة كهرومغناطيسية، و طيفها المرئي يشكل 49% منها، والغير مرئي منها يسمى بالأشعة الفوق البنفسجية ، ويشكل 2%، و الأشعة تحت الحمراء 49%.
الطاقة الشمسية تختلف حسب حركتها و بعدها عن الأرض، فتختلف كثافة أشعة الشمس وشدتها فوق خريطة الأرض حسب فصول السنة فوق نصفي الكرة الأرضية و بعدها عن الأرض و ميولها و وضعها فوق المواقع الجغرافية طوال النهار أو خلال السنة، وحسب كثافة السحب التي تحجبها، لأنها تقلل أو تتحكم في كمية الأشعة التي تصل لليابسة، عكس السماء الصحوة الخالية من السحب أو الأدخنة. وأشعة الشمس تسقط علي الجدران والنوافذ واليابسة والبنايات والمياه، وتمتص الأشعة وتخزنها في كتلة (مادة) حرارية Thermal mass. هذه الحرارة المخزونة تشع بعد ذلك داخل المباني. تعتبر هذه الكتلة الحرارية نظام تسخين شمسي يقوم بنفس وظيفة البطاريات في نظام كهربائي شمسي (الفولتية الضوئية). فكلاهما يختزن حرارة الشمس لتستعمل فيما بعد.
والمهم معرفة أن الأسطح الغامقة تمتص الحرارة ولا تعكسها كثيراً، لهذا تسخن. عكس الأسطح الفاتحة التي تعكس حرارة الشمس، لهذا لا تسخن. والحرارة تنتقل بثلاث طرق ،إما بالتوصيل conduction من خلال مواد صلبة، أو بالحمل convection من خلال الغازات أو السوائل، أو بالإشعاع radiation. من هنا نجد الحاجة لإنتقال الحرارة بصفة عامة لنوعية المادة الحرارية التي ستختزنه،, لتوفير الطاقة و تكاليفها. لهذا توجد عدة مباديء يتبعها المصممون لمشروعات الطاقة الشمسية، من بينها قدرة المواد الحرارية المختارة لتجميع وتخزين الطاقة الشمسية حتى في تصميم المباني واختيار مواد بنائها حسب مناطقها المناخية سواء في المناطق الحارة أو المعتادة أو الباردة. كما يكونون علي بينة بمساقط الشمس علي المبني والبيئة من حوله كقربه من المياه واتجاه الريح والخضرة ونوع التربة، والكتلة الحرارية التي تشمل الأسقف والجدران وخزانات الماء. كل هذه الإعتبارات لها أهميتها في إمتصاص الحرارة أثناء النهار وتسربها أثناء الليل.
أنواع أخرى للطاقة